الموقف الأول - خرجت سيدة شقراء ذات عينان زرقاوان من السفارة الهولندية بالمملكة بعد أن أنهت إجراءات تجديد جوازها "الهولندي" تبحث عن سيارتها وسائقها بين ازدحام السيارات في المواقف الرئيسية ، وعندما وجدت السيارة لم تجد سائقها بداخلها ، انتظرت لما يقارب العشرون دقيقة ولكنه لم يعد ، بحثت عنه في الأماكن المجاورة ولم تجده ، اعتقدت بأنه في إحدى دورات المياه المتواجدة في المنطقة أو في أحد الكافتيريات ، فلم تجد حلاً سوى أنها تسأل أول شخص يقابلها عن أقرب دورة مياه للرجال أو أي كافتيريا موجود ، وأول شخص قابلها كان شاب سعودي في العشرينات من العمر ، سألت تلك المرأة الشاب باللغة الإنجليزية وأجابها ، ذهبت في الطريق الذي أخبرها عنه الشاب ، في الوقت الذي توجه به الشاب للسيارة التي تنتظره بها عائلته بعد أن أنهواْ إجراءات استخراج التأشيرات لتقضية الصيف في الجزر الكندية ، وبعد أن أقفل باب السيارة سأله والده: من تلك التي كنت تتحدث معها وماذا كانت تريد؟ أجابه الشاب: امرأة "أمريكية" تبحث عن دورة مياه قريبة للرجال لتجد سائقها ..
الموقف الثاني – قـرّر مجموعة من الأصدقاء في إحدى الدول الخليجية تمضية أسبوع من إحدى الإجازات الرسمية القصيرة ، فكروا ولم يجدوا أفضل من تمضيتها في إحدى الدول العربية القريبة والتي لا تحتاج إلى أي تأشيرة قد تـُأخر أو تـُعيق مشروعهم الترفيهي الذي لن يدوم سوى بضعة أيام قبل العودة للعمل ، وبالفعل استعد الجميع وانطلقوا في رحلة كانت رائعة بالنسبة لهم لما كان فيها من سهر وسكر وأنواع العربدة التي يخجل الإنسان من ذِكر إحداها ، خلال تلك الأيام التي تواجدوا أثناءها في تلك الدولة العربية كان أحد سكانها يجلس لينتظر إحدى زملاءه ليعودوا إلى المعرض الذي يعملون به بعد فترة الاستراحة ، فلفت نظره ما يفعله هؤلاء الشباب فأصبح ينظر إليهم باستنكار واحتقار لهول ما يشاهد من تصرفات مشينه تخرج من شباب يرتدون الثياب والأشمغة ، ترك ذلك المواطن العربي المكان وهو مستاء مما رأى وفي وجهه علامات الغضب ، وتوجه إلى سيارته وإذا بزميله يقابله ويسأله بتعجب: أرى أنك لست على ما يرام ، ماذا بك؟ أجابه: أبداً ، كالعادة ، مهزلة الشباب "السعوديون" التي لن تتوقف !!
كانت تلك قصتان قصيرتان ، أحداثهما حصلت وما زالت تحصل دائماً ..
السؤال: لماذا ارتبط الشعر الأشقر والعيون الزرقاء بالجنسية الأمريكية كما ارتبط الثوب والشماغ بالجنسية السعودية؟
لماذا يرتبط كل تصرف أو قرار سيء من أي دوله غربيه بأمريكا كما يرتبط أي تصرف مشين من أي شخص خليجي في الخارج بالسعودية؟
فالنفرض بأن هناك فعلاً مواطنون سعوديون كثيراً ما يسيئون التصرف في الخارج ، وهذه حقيقة لا جدال فيها ، فلسنا معصومون من الخطأ ، ولكن لماذا التعميم؟ هل من المعقول أن يكون كافة الشعب السعودي الذي تعدى الإثنان وعشرون مليوناً سيئاً لهذه الدرجة؟
هل كل من ارتدت العباءة سعودية؟ وكل من ارتدى الثوب سعودي؟ وهل كل من يمتلك تلك العيون الزرقاء والشعر الأشقر وتحدث الإنجليزية أصبح أمريكي؟ هل تلك المواصفات والثياب واللغات حكراً على هاتين الجنسيتين؟ وهل من الضروري أن كل من قاد سيارة بلوحات سعودية في الخارج أن يكون سعودي؟
الحقيقة هي أن هاتين الدولتين ما هما إلا وجهين لعملة واحدة !!
فجميعهما تحت المجهر وفي محط أنظار العالم الذي لن تتغير نظرته السيئة تجاه هذين الشعبين ، مع العلم بأنهم على تمام الثقة بأن المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية هما أكثر دولتين في العالم تجمع جميع الجنسيات عربية كانت أم أجنبية ، فلم أعرف يوماً بأن سعودي ذهب لمصر أو سوريا أو لبنان أو حتى للفلبين ونيجيريا والسودان للبحث عن وظيفة ، بل العكس ..
لذلك نرى أن المملكة العربية السعودية هي مَجـْمع لجميع الجنسيات العربية التي تكتظ بها المملكة بمئات الآلاف ، لكن وللأسف فإن كل من أساء التصرف داخل المملكة أحتسب ذلك على السعودية والسعوديين ، ولو فكر بالسفر خارج المملكة بسيارته السعودية أصبح سعودي ، وكل من أساء التصرف أيضاً أو ارتكب حماقة في أي مكانٍ عام العالم أحتسب أيضاً على أمريكا والأمريكيين بمجرد أن رأى الناس ذلك الشعر الأشقر واستمعوا لكلماته الإنجليزية ..